top of page

كيف تُسهم الأصوات الأولى التي يُصدرها حديثو الولادة والرضع بالتطور اللغوي

istockphoto-1868599148-612x612.jpg

كيف تُسهم الأصوات الأولى التي يُصدرها حديثو الولادة والرضع بالتطور اللغوي

 

تُعتبر اللغة أحد أهم الإنجازات التطورية التي يكتسبها الإنسان منذ بداية حياته. وبينما يبدو التواصل في الأشهر الأولى للطفل محدودًا بالبكاء والأصوات العشوائية، إلا أن هذه الأصوات تُشكِّل الأساس الأول لتطوره اللغوي في المستقبل.

 

مرحلة البكاء: أولى وسائل التعبير

منذ لحظة الولادة، يبدأ الطفل بالبكاء، وهو وسيلة الاتصال الأولى التي يعتمد عليها لإيصال احتياجاته الأساسية مثل الجوع أو التعب أو الألم. البكاء ليس مجرد استجابة طبيعية، بل يُعتبر حجر الأساس لتطوير مهاراته السمعية والتواصلية. عندما تستجيب الحاضنة لبكاء الطفل، فإنها تُظهر له أهمية التواصل، مما يعزز رغبته في التفاعل مع محيطه.

مرحلة الأصوات العشوائية والمناغاة (2-4 أشهر)

خلال الشهرين الثاني والثالث، يبدأ الطفل بإصدار أصوات عشوائية تُعرف بـ"القرقرة" مثل "آه" و"أوه". هذه الأصوات ليست مجرد محاولات للتعبير، بل تُعد بمثابة تمرين عضلي لأعضاء النطق مثل الشفاه واللسان والحبال الصوتية.

مع بلوغ الطفل الشهر الرابع، تظهر المناغاة بشكل أكثر وضوحًا، حيث يُصدر الطفل أصواتًا مثل "با، با" و"دا، دا" و" اوغ او كوغ". المناغاة تُعتبر خطوة انتقالية بين الأصوات العشوائية والكلام الفعلي، إذ يبدأ الطفل في محاكاة الأصوات التي يسمعها من البيئة المحيطة، وهنا يأتي دور الحاضنات في تشجيعه على التفاعل عبر تكرار الأصوات نفسها أو الرد عليه بابتسامة وكلمات دافئة.

مرحلة التقليد الصوتي (6-9 أشهر)

في هذه المرحلة، يبدأ الطفل بمحاكاة نغمات الأصوات التي يسمعها، مما يدل على أن دماغه يستوعب الأنماط الصوتية المحيطة به. يمكن للحاضنات تعزيز هذه المهارة من خلال تكرار أسماء الأطفال أو الكلمات البسيطة والتحدث بنبرة واضحة وهادئة. الأطفال في هذا العمر قد يحاولون تقليد كلمات بسيطة مثل "ماما" أو "بابا"، حتى وإن كانت بلا معنى حقيقي، مما يُظهر تطورًا كبيرًا في مهاراتهم السمعية والتركيز.

كيف تُسهم الأصوات الأولى في التطور اللغوي؟

  1. تقوية العضلات الصوتية: عندما يُصدر الطفل أصواتًا مختلفة، فإنه يمرّن عضلات الفم والحلق التي تُستخدم لاحقًا في الكلام.

  2. التعرف على الأنماط الصوتية: من خلال الاستماع للأصوات المتكررة في البيئة المحيطة، يبدأ الطفل بفهم الأنماط الصوتية التي تُعد أساس اللغة.

  3. تعزيز التفاعل الاجتماعي: استجابة الحاضنات للأصوات التي يُصدرها الطفل تعزز العلاقة بينهم وتشجّعه على إصدار المزيد من الأصوات.

دور الحاضنات في دعم التطور اللغوي

الحاضنات يلعبن دورًا محوريًا في تعزيز تطور لغة الأطفال. فيما يلي بعض النصائح العملية:

  • التحدث المستمر مع الطفل: استخدام جمل بسيطة ومفردات واضحة يساعد الطفل على فهم العلاقة بين الأصوات والمعاني.

  • الغناء: التهاليل والأناشيد الشعبية تُعتبر أدوات فعّالة لتحفيز التطور اللغوي، حيث تتضمن كلمات مكررة ونغمات جذابة.

  • قراءة القصص: قراءة قصص بسيطة مليئة بالصور تساعد الطفل على ربط الكلمات بالأشياء.

  • تسمية الأشياء: أثناء رعاية الطفل، يمكن تسمية الأشياء المحيطة به، مثل "هذا كوب"، "هذه ملعقة".

  • التفاعل العاطفي: تشجيع الطفل بالابتسامة والكلام الحنون عند إصدار الأصوات يُعزز من رغبته في التفاعل الصوتي.
     

الأصوات وتأثيرها على المهارات الاجتماعية والعاطفية

لا تقتصر أهمية الأصوات الأولى على الجانب اللغوي فحسب، بل تُسهم أيضًا في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية. على سبيل المثال، عندما يُصدر الطفل صوتًا ويُلاحظ استجابة من الحاضنات، يشعر بأنه مفهوم ومقبول، مما يعزز ثقته بنفسه ويشجعه على التفاعل أكثر.
 

متى يجب استشارة الطبيب؟

رغم أن الأطفال يختلفون في وتيرة تطورهم، هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى الحاجة لاستشارة مختص:

  • إذا لم يُظهر الطفل أي استجابة للأصوات بحلول الشهر الثالث.

  • إذا لم يبدأ بالمناغاة أو إصدار أصوات مميزة بحلول الشهر السادس.

  • إذا لم يظهر أي محاولة لتقليد الأصوات أو التفاعل مع الكلام بحلول الشهر التاسع.
     

نصيحة للحاضنات

كوني دائمًا حاضرة لملاحظة أي تطورات لغوية أو تأخرات عند الأطفال. احرصي على تسجيل ملاحظاتك حول تطور الأصوات التي يُصدرها كل طفل، وشاركي هذه الملاحظات مع الأهل خلال اللقاءات الدورية. تذكّري أن تعزيز التواصل مع الأهل والتعاون معهم يُعتبر من أهم الخطوات لدعم تطور الأطفال بشكل صحيح وسليم.

 

المصادر:

  • National Association for the Education of Young Children (NAEYC).

  • American Speech-Language-Hearing Association (ASHA).

  • Centers for Disease Control and Prevention (CDC).

bottom of page