حماية الأطفال من الإساءة والإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة

حماية الأطفال من الإساءة والإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة
تُعدّ حماية الأطفال من أهم مسؤوليات العاملات في الحضانات ومؤسسات الطفولة المبكرة، فسلامة الطفل الجسدية والنفسية هي الأساس الذي يُبنى عليه نموه وتطوره السليم. ومع أن الحديث عن الإساءة والإهمال قد يكون صعبًا، إلا أنه ضروري لفهم السلوكيات والممارسات التي يجب تجنّبها، والتعرّف على الطرق الصحيحة للتعامل مع الأطفال ودعم أسرهم في أوقات الضغط والتحدي.
أولاً: ما المقصود والاساءة (العنف) والإهمال للأطفال؟
يشمل مفهوم الإساءة (العنف) كل فعل متعمد أو متكرر يسبب ضررًا جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا للطفل. أما الإهمال، فهو الفشل في تلبية احتياجات الطفل الأساسية مثل الغذاء، النظافة، الرعاية الصحية، الحماية أو الإشراف الكافي.
فقد لا تكون الإساءة دائمًا مرئية، إذ يمكن أن تظهر في كلمات جارحة، صراخ متكرر، تجاهل، أو حرمان من الحب والاهتمام، وهي ممارسات تؤثر سلبًا في ثقة الطفل بنفسه وفي علاقته بالآخرين.
من المهم أيضًا التذكير أن الإساءة أو الإهمال لا يقتصران على الأسرة فقط، بل قد يحدثان في أي مكان يكون فيه الطفل تحت إشراف شخص بالغ — سواء في الحضانة، المدرسة، أو أي مؤسسة تربوية.
ثانيًا: أنواع الإساءة والإهمال
1. الإساءة أو الإهمال الأسري
ويحدث داخل الأسرة من أحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة، سواء بشكل مباشر (كالضرب أو الصراخ) أو غير مباشر (كإهمال الرعاية، أو عدم الاهتمام بالنظافة أو التغذية أو الأمان).
2. الإساءة أو الإهمال المؤسسي
ويقع هذا النوع في البيئات التعليمية أو المجتمعية، أي في المؤسسات التي ترعى الأطفال خارج المنزل. ويحدث عندما يستخدم أحد العاملين أو المتطوعين أساليب تأديب ضارة أو غير إنسانية، أو يتجاهل احتياجات الطفل الجسدية والنفسية.
ثالثًا: ممارسات ممنوعة داخل الحضانات ومؤسسات الطفولة
لأن الحاضنة تُعدّ نموذجًا للسلوك أمام الأطفال، فإن أي تصرف منها يُغرس في وعي الطفل كطريقة مقبولة للتعامل مع الآخرين. لذلك يجب منع أي شكل من أشكال العنف أو الإذلال، ومنها:
-
تقييد حركة الطفل أو منعه من الكلام أو التعبير عن نفسه.
-
العقاب الجسدي مثل الضرب أو القرص أو الدفع أو أي سلوك فيه أذى بدني.
-
عزل الطفل عن المجموعة أو تركه وحيدًا في مكان مغلق.
-
حرمان الطفل من احتياجاته الأساسية (الطعام، النوم، الذهاب إلى الحمام، أو اللعب) كوسيلة للعقاب.
-
الإساءة اللفظية أو النفسية مثل الصراخ، التهديد، السخرية، أو استخدام كلمات مهينة تقلل من شأن الطفل.
رابعًا: من هم الأطفال الأكثر عرضة للخطر؟
قد يتعرض أي طفل للإساءة أو الإهمال، لكن هناك فئات تحتاج إلى دعم ومتابعة خاصة، منها:
-
الأطفال من الولادة حتى عمر 3 سنوات، لصغر سنهم واعتمادهم الكامل على الكبار.
-
الأطفال ذوو الإعاقات أو الاحتياجات الخاصة الذين قد يواجهون صعوبة في التعبير أو الدفاع عن أنفسهم.
-
الأطفال الذين يُظهرون سلوكيات صعبة مثل نوبات الغضب، أو ضعف التواصل، أو صعوبة الالتزام بالقواعد.
-
ومع ذلك، يجب ألا نغفل حقيقة أساسية: الطفل لا يُلام أبدًا على تعرّضه للإساءة. دورنا كحاضنات ومربيات هو فهم السلوك الصعب كنداء للمساعدة، وليس كسبب للعقاب، وتقديم الدعم للأسرة بدلًا من الحكم عليها.
خامسًا: دور الحاضنات في الوقاية
تبدأ الوقاية من الإساءة والإهمال من داخل الحضانة عبر:
-
تطبيق أساليب تربية إيجابية مبنية على التعاطف، الحوار، والتشجيع بدل العقاب.
-
مراقبة سلوك الأطفال وتغيراتهم، لأن بعض العلامات قد تشير إلى تعرضهم للأذى في المنزل أو خارجه.
-
التواصل المستمر مع الأهالي لبناء الثقة وتقديم الدعم عند الحاجة.
-
التدريب المستمر للحاضنات على أساليب التعامل الإنساني مع الأطفال وطرق الحماية والإبلاغ عند الاشتباه
ختامًا...
إن حماية الأطفال من الإساءة والإهمال مسؤولية مشتركة بين الحاضنة، الأسرة، والمجتمع. فكل كلمة، وكل تصرف، يمكن أن يُحدث فرقًا في حياة طفل.
ولنتذكّر دائمًا أن البيئة الآمنة، الداعمة والمليئة بالاحترام، هي الأساس الذي يُنمّي أطفالًا أصحاء وواثقين بأنفسهم.
فعندما نحمي الطفل اليوم، فإننا نبني مجتمعًا أكثر رحمة وأمانًا غدًا.
المصدر:
https://www.virtuallabschool.org/preschool/child-abuse-identification-and-reporting/lesson-1



