تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الصراع

تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الصراع
لا أحد يحب التعامل مع الصراعات ولكن مهما حاولنا تجنبها، فإن الخلافات والمشاجرات وعدم الاتفاق هي حقيقة في الحياة - سواء بالنسبة للكبار أو الأطفال وعدم التعامل الصحيح مع الصراعات عندما تنشأ يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقات ويؤدي إلى تحديات بين الأفراد في المستقبل.
الصراع قد لا يكون ممتعًا، ولكنه لا يجب أن يكون بالكارثة. تعليم الأطفال مهارات عملية لإدارة الصراع بطريقة صحية سيساعدهم على التعامل في كل شيء بدءًا من الخلافات الصغيرة ("أخذت دميتي!") إلى المشاكل الكبيرة ("لا أعرف ما إذا كنت أريد أن أكون صديقك بعد الآن") سواء الآن أو بينما يكبرون.
التعامل مع المشاعر
جزء مما يجعل التعامل مع الصراعات أمرًا صعبًا هو الطريقة التي تثير بها مشاعر كبيرة وشديدة التأثير التي قد لا تكون لدى الأطفال الأدوات الكافية لمعالجتها. قبل أن يتمكنوا من التعامل مع المشكلة التي تسببت في الصراع - سواء كان النزاع بسبب لعبة أو خيانة من قبل صديق - يجب على الأطفال أن يكونوا قادرين على الوصول إلى مكان عاطفي حيث يمكنهم التفكير قبل أن يتصرفوا (أو ينفجروا ويجعلوا الأمور أسوأ).
يمكن للآباء أن يبدؤوا بمساعدة الأطفال في تحديد المشاعر التي يشعرون بها. هل تشعرون بالغضب؟ الإحباط؟ الألم؟ الاحراج؟
توصي الدكتورة ستيفاني لي، وهي عالمة نفس الأطفال، وكاري ويرلي، وهي عاملة اجتماعية سريرية في معهد عقل الطفل، باستخدام أدوات بصرية لمساعدة الأطفال الصغار على تحديد مشاعرهم:
- الجدول المرئي للمشاعر:عادةً ما يتمثل هذا الجدول عادة في صور مصممة تُظهر تعبيرات وجوه تمثل مجموعة متنوعة من المشاعر المختلفة. يعمل الجدول على توضيح كيفية التعبير عن المشاعر بالوجوه والتعبيرات الوجهية. "يمكنك شراء مخططات مغناطيسية، والتي تكون إضافة مفيدة للثلاجة والتي تساعد الأطفال في تحديد مشاعرهم"، وفقًا لويرلي.
- إشارة المرور بالألوان: يكون إشارة المرور بالألوان باللون الأحمر والأصفر والأخضر مفيدًا بشكل خاص للأطفال الصغار. "إذا نظر الطفل الصغير إلى إشارة المرور بالألوان وأشار إلى المنطقة الحمراء، فإن المشاعر كبيرة لدرجة أنهم ربما لن يكونوا قادرين على التصرف بطريقة ستحل الصراع بعد"، تقول ويرلي. "اللون الأصفر يعني أن شدة العاطفة بدأت في الانحسار، وعندما يصلون إلى اللون الأخضر، سيكونون قادرين على ممارسة مهارات فعلية لحل الصراع.. "
- مقياس المشاعر: يمكن البحث بسهولة على الإنترنت عن مقياس المشاعر، وهو ببساطة صورة لمقياس الحرارة مع أرقام. عندما تنشأ الصراعات، يمكن للأطفال أن ينظروا إلى مقياس المشاعر لتقييم مكانهم عليه. بناءً على الرقم، يمكن للطفل أن يقرر ما إذا كان يحتاج إلى التهدئة قبل المتابعة. الأشبال والمراهقين الذين تعلموا هذه التقنيات يمكنهم ببساطة تصوّر إشارة المرور بالألوان أو مقياس المشاعر في عقولهم لتقييم حالتهم العاطفية.
عندما تكون المشاعر لا تزال كبيرة الشدة، فإن الوقت ليس مناسبًا لحل الصراع نفسه. ساعد الأطفال في ابتكار مجموعة من مهارات التواجه يمكنهم استخدامها إذا احتجوا إلى التهدئة في لحظة الغضب. مثل غسل الوجه بالماء البارد، أو أخذ بعض الأنفاس العميقة، أو اللعب مع حيوان أليف.
تحديد مصدر الصراع
بمجرد أن تهدأ المشاعر الكبيرة، الخطوة التالية هي معرفة بالضبط ما هي المشكلة. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون لدى الأطفال، خاصة الأصغر سناً، قلة الوعي العاطفي لتحديد مصدر الصراع الأصلي. قد يحتاجون إلى مساعدتك لفهم سبب النزاع. على سبيل المثال، إذا كان طفلك وصديقه يتشاجران بسبب لعبة، فقد يكون الأمر أعمق بكثير، كما توضح ويرلي. "قد يكون الأمر في الواقع أن أحدهما صديق جديد والآخر يشعر بالاستبعاد"،.
مساعدة الأطفال في الوصول إلى جذور المشكلة ستجعل من الأسهل عليهم حل ما هو فعلاً خاطئ. ستمنحهم أيضا الأدوات للتعرف على المشكلات المماثلة والتحدث عنها عندما تنشأ مرة أخرى. يعتمد الأطفال الأكبر سناً في المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة على اللغة لتحديد مصدر الصراع، لذا مع قليل من التوجيه يمكن لهم أن يتعلموا استخدام هذه المهارات بشكل مستقل في المستقبل
التفكير في حلول
بمجرد أن يفهم الأطفال ما هي المشكلة، يمكنك مساعدتهم في ممارسة إيجاد الحلول. سيحتاج الأطفال الصغار بشكل خاص إلى توجيه الكبار هنا، ولكن حتى الأطفال الأكبر سناً والمراهقين يمكن أن يستفيدوا من وجود شخص ما لمشاركتهم الأفكار.
بالنسبة لأي فئة عمرية، تقترح الدكتورة لي أن يتم عمل جلسة مشاركة الافكار لإيجاد عدة حلول ثم التفكير معاً في اختيار الأفضل منها. بالنسبة للأطفال الصغار، توصي ببعض الطرق لتنظيم هذا الحوار :
لعبة حل المشكلات باستخدام استراتجية ترتيب القواعد في لعبة البيسبول كنموذج : هذا التمرين يأخذ الأطفال خلال عملية التفكير في الخطط العملية الممكنة وتقييمها. "أجعل الأطفال يقترحون لي مشكلة ثم نمر بمراحل ترتيب القواعد"، توضح الدكتورة لي. "لذا، القاعدة الأولى ما هي مشكلتي؟ القاعدة الثانية ما هي بعض الخيارات الممكنة؟ القاعدة الثالثة تحديد أفضل الخيارات. والقاعدة الرابعة ، هل أنا آمن ؟ هل اخترت الصحيح؟ الهدف هو مساعدة الأطفال حتى الصغار جداً على البدء في فهم ما سيقربهم أكثر إلى هدفهم.."
تصنيف الوجوه الضاحكة: تقترح لي أن تطلب من طفلك أن يقترح خيارات ممكنة لحل النزاع ثم تسأل: "هل ستجعل هذا السلوك تشعر بتحسين أم تسوء أم تشعر بنفس الشيء؟" قم بتسجيل الإجابة باستخدام تصنيف بصري: وجه ضاحك، وجه متجهم، أمر عادي؟ "ثم ننظر إلى تصنيفات الوجوه الضاحكة لمساعدتنا على تحديد أيها هو الخيار الأفضل. ولكن أيضًا علمهم أنه ليس مجرد مسألة كيف تشعرون، بل إنها مسألة ما إذا كان سيساعدكم ذلك في الوصول إلى هدفك.."
بالطبع، الأمر الصعب هنا هو أنه عادةً من الصعب معرفة ما هو الخيار الأفضل حقًا. وهذا أمر جيد! دع الأطفال يعلمون أن الهدف هو بذل أقصى جهد، وليس حلاً مثاليًا على الفور. قد يضطرون إلى العودة إلى النقاش إذا لم يؤدي خيارهم الأول إلى نتائج إيجابية - وهذا غالبًا ما يكون جزءًا من العملية. "عليك أيضًا أن تشجع طفلك على محاولة تلك المهارات حتى لو لم تسفر الأمور عن نتائج ترضيهم تمامًا"، وفقًا للدكتورة لي. "امنحهم الاعتراف ومن ثم ساعدهم في التنقل من هناك. وعندما يجدون الحلا، قدم لهم تهاني كبيرة لذلك.."
هذا النهج يشجع على تطوير مهارات حل المشكلات والصمود أمام التحديات. الأطفال يتعلمون من خلال التجارب والأخطاء، وهذا يساعدهم على تطوير القدرة على التفكير الإبداعي والتكيف مع مواقف متغيرة. كما يساعدهم على فهم أن الحياة ليست دائماً مثالية، ولكن يمكنهم دائمًا بذل قصارى جهدهم للتغلب على التحديات...
احصل على بعض الوجهات نظر
الصراعات غالبًا ما تبدو ضخمة وفورية، مما يجعل من الصعب الحفاظ على رؤية الشاملة للوضع. للعثور على حلاً مفيدًا، من المهم أن يتدرب الأطفال على أخذ خطوة عقلية للوراء هناك بعض النصائح التي يمكنك تشجيع الأطفال على الأخذ بها:
فكر بما هو أبعد من هذا الحادث
إذا كان صديق مقرب قد كشف عن سر كنت قد اثقته به ، من الطبيعي أن تشعر بالاستياءً. ولكن هل هذا يعني حقًا ان الصداقة انتهت ؟ قم بتشجيع طفلك على التفكير في بقية علاقتهم مع الشخص الذي يتصارعون معه، وذكِّرهم بأن سلوكًا واحدًا لا يحدد شخصًا بأكمله.
حاول أن تضع نفسك في موقف الشخص الآخر
"تريد حقًا العمل على الاعتراف بما يقوله الشخص الآخر"، وفقا لويرلي. "حتى إذا لم تفهم تمامًا لماذا يشعر بهذا الشكل أو لم تتفق مع الطريقة التى يصف بها الوضع". تخيل ما يشعر به الشخص الآخر هي وسيلة رائعة لمساعدة الأطفال على تطوير التعاطف. واعتمادا علو الوضع قد يكون من المنطقي أيضًا أن يتحدث طفلك مع الشخص الآخر بشأن المشكلة والتاكد من نقطة الاستماع بانفتاح - دون التدخل. ممارسة هذه المهارات يمكن أن تساعد الأطفال على حل الصراعات في المدى القصير وأن يصبحوا أكثر تعاطفاً في المدى البعيد..
النظر في السياق
يعنى انه على الاطفال أن يأحدوا في اعتبارهم الظروف المحيطة بالنزاع وقت ومكان النزاع غالبا ما يكونان مؤثرين بشكل كبير على كيفية استجابة الأطفال له وكذلك بالإضافة إلى طبيعة علاقتهم مع الشخص الآخر. بشكل خاص، تشير الدكتورة لي إلى أنه من المهم أن يعلم الأطفال أن النزاعات مع البالغين ستبدو غالبًا مختلفة عن النزاعات مع الأطفال الآخرين. على سبيل المثال، اذا انفعل الطفل في الصف مع المعلم فقد يضطر الى تعامل مع تلك المشاعر حتى يصبخ من الممكن ترتيب اجتماع خاص مع المعلم, النظر في جميع جوانب الوضع يمكن أن يمهد الطريق للأطفال للتعامل مع النزاع بنجاح.
ممارسة التواصل الفعّال
من أجل حل النزاع، يحتاج الأطفال إلى تعلم كيفية التعبير عن مشاعرهم بوضوح، دون أن ينفجروا أو يوجهوا اتهامات. من الصعب ممارسة مهارات التواصل عندما تكون التوترات مرتفعة، لذا يجب النظر في مناقشة هذه المهارات مع الأطفال عندما لا يكونون بالفعل في وسط صراع. بعد ذلك، يمكنك تقديم تذكيرات لطيفة وإرشادات عندما تشتد الأمور, توصي ويرلي والدكتورة لي بالاستراتيجيات التالية:
استخدام عبارات تبدأ بـ "أنا" للتعبير عن المشاعر
قد سمعت هذا من قبل، ولكنه لا يزال صحيحًا: قول شيء مثل "شعرت بالاحراج عندما قمت بنشر هذا على إنستجرام" غالبًا ما يكون أكثر فائدة من شيء مثل "قمت بنشر تلك الصورة فقط لتحرجني.!"
كتابة نقاط المحادثة
"حتى إذا كان ذلك مجرد تخطيط لمحادثة في يومياتهم، فان التفكير مسبقا في ما يجب قوله يمكن ان يساعد الاطفال على التعبير عن افكارهم بشكل فعال يمكن لاطفال كتابة نقاط المحادثة والتفكير في الكلمات التى يجب ان يستحدموها للتعبير عن مشاعرهم واحتاجاتهم بوضوح ذلك يساعدهم على تنظيم افكارهم وتجهيوهم للتحدث بشكل فعال خلال النقاشات وحل النزاعات بشكل اكثر فعالية.
ممارسة الادور مع شخص بالغ
"أن يكون لديهم مكان آمن لممارسة المحادثات الصعبة يمكن أن يكون مساعدة كبيرة"، وفقًا للدكتورة لي. يمكنك أيضًا تزويد طفلك بتفسيرات حول التواصل غير اللفظي الذي قد لا يكونوا على علم به - على سبيل المثال، "كلامك كان لطيفًا حقًا، لكنني واجهت صعوبة في تقديره لأنك كنت تنظر إلى الأرض.."
قدوة ما ترغب في رؤيته
واحدة من أقوى الأشياء التي يمكنك القيام بها لمساعدة طفلك في تعلم حل النزاعات هو أن تريهم كيف يتم ذلك. عندما تواجه نزاعاً خاصًا بك (خصوصا مع طفلك!)، قم بتطبيق التقنيات المذكورة هنا. حينما يكون مناسبًا، يمكنك حتى أن تشرح لطفلك كيف حللت الصراع. رؤية نجاحك - والأخطاء التى ترتكبها على الطريق! - تظهر للأطفال أن حلاً للصراعات ممكن بالفعل، حتى عندما يكون الامر صعبا.
Teaching Kids How to Deal With Conflict .Tips for building lifelong skills , Writer: Juliann Garey ,Clinical Experts:Stephanie A. Lee, PsyD, Carey Werley, LCSW.