خلق بيئات تعلم محفّزة في مرحلة الطفولة المبكرة: نحو تدفق حر للفعالية ونمو شامل للطفل

خلق بيئات تعلم محفّزة في مرحلة الطفولة المبكرة: نحو تدفق حر للفعالية ونمو شامل للطفل
في السنوات الأولى من حياة الطفل، تشكل بيئة التعلم حجر الأساس لتكوين شخصيته، وتطوره المعرفي والعاطفي والاجتماعي. ومن التوجهات التربوية التي أثبتت فعاليتها في هذه المرحلة، ما يُعرف بـ"التدفق الحر للفعالية"، وهو نمط تعليمي يتيح للطفل حرية التنقل والتفاعل واختيار النشاط الذي يتناسب مع اهتماماته واحتياجاته، دون قيود زمنية صارمة أو تدخل مباشر.
ما المقصود بالتدفّق الحر للفعالية؟
هو توجه يركّز على احترام إيقاع الطفل الداخلي، ويمنحه حرية الحركة بين زوايا التعلم المختلفة داخل البيئة التربوية (الحضانة). هذا النوع من الفعالية يساهم في تعزيز مهارات اتخاذ القرار، وتحمل المسؤولية، وتطوير التفكير النقدي والإبداعي، مما يضع الطفل في قلب العملية التعليمية بدلًا من أن يكون متلقيًا سلبيًا.
البيئة هي الركيزة الأساسية لتحقيق هذا التدفق
حتى يتحقق التدفق الحر للفعالية بطريقة سليمة، يجب أن تكون بيئة التعلم:
-
آمنة، وجذّابة، ومفتوحة: تسمح للطفل باستكشاف المساحات والمواد المتوفرة دون خوف أو قيود مفرطة.
-
منظمة بشكل واضح: بحيث يمكن للطفل التعرّف بسهولة على زوايا اللعب، والعمل الفردي، والتعلم الجماعي.
-
مرنة: تتيح إعادة تشكيل الزوايا حسب نوع النشاط أو اهتمامات الأطفال، بما ينسجم مع التغير الطبيعي في وتيرة اللعب والتعلم خلال اليوم.
خمسة مبادئ تربوية لخلق بيئة تدعم التدفق الحر:
-
لراحة الجسدية:السلامة والراحة الجسدية
أساس أي بيئة تعلم ناجحة، وتضمن للطفل التركيز على استكشافه دون انشغال بالخطر أو التوتر.
-
تنظيم المساحات وفق زوايا وظيفية:
زاوية البناء، زاوية القصص، زاوية الرمل أو الماء، وغيرها من المساحات التي تحفّز التنقل الذاتي والتجربة الحرة.
-
التمكين عبر الاختيار:
عندما يختار الطفل بنفسه النشاط الذي يريد أن يقوم به، فإنه يطوّر الشعور بالاستقلالية والثقة بالنفس.
-
المشاركة الجماعية والاحترام المتبادل:
التدفق الحر لا يعني الفوضى، بل يُنظّم عبر قواعد واضحة يتعلم الطفل من خلالها احترام الآخر والتعاون معه.
-
دور الحاضنة كميسرة لا كمصدر للمعلومة فقط:
دورها هو مراقبة مسار الطفل، ودعمه عند الحاجة، لا فرض الأنشطة عليه أو التدخل في كل التفاصيل.
ما دور التدفق الحر في تعزيز جودة التعلم؟
تشير الدراسات التربوية إلى أن الأطفال الذين ينخرطون في بيئات تسمح بالتدفق الحر للفعالية يظهرون مستويات أعلى من التركيز، والاستمرارية في النشاط، والقدرة على التعبير عن أنفسهم. كما يسهم هذا النمط في الحد من مشكلات السلوك الناتجة عن الشعور بالملل أو الضغط.
التدفّق الحر ليس مجرد حرية في الحركة، بل حرية في التعلّم، واكتشاف الذات، وتشكيل المعنى من خلال التجربة.
المصدر:
أدلرشتاين، سينثيا، وكورتازار، أليخاندرا. (2022). خلق بيئات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة التي تعزز التعلم المبكر. ضمن: بينديني، ماجدالينا، وديفرتشيلي، أماندا إي. جودة التعليم المبكر: رعاية إمكانات الأطفال. آفاق التنمية البشرية، البنك الدولي، واشنطن العاصمة.