كيف نتعرف على أنواع العنف والاهمال حولنا

أنواع العنف والإهمال والإساءة للأطفال:
كيف نتعرف عليها في حياتنا اليومية داخل الحضانة أو المنزل
العنف ضد الأطفال لا يقتصر على الضرب فقط، بل يشمل كل تصرف يسبب ضررًا جسديًا أو نفسيًا أو معنويًا للطفل. في بيئة الحضانة أو البيت، قد تمر ممارسات كثيرة دون أن يُنظر إليها كـ “عنف”، لكنها تترك أثرًا عميقًا في نفس الطفل وسلوكه.
لذلك من المهم أن نعرف أنواع العنف والإهمال والإساءة، ونميزها من المواقف اليومية.
أولًا: العنف الجسدي (Physical Violence)
التعريف:
هو استخدام القوة البدنية لإيذاء الطفل عمدًا، مما يسبب له ألمًا أو إصابة أو خوفًا.
أمثلة من الواقع:
-
ضرب الطفل على يده أو وجهه عندما يسكب العصير أو يرفض الأكل مثلا.
-
هزه بعنف ليصمت أو ليتوقف عن البكاء /وضع كف اليد على فم الطفل بايحاء له للهدوء.
-
إجباره على الجلوس في زاوية لفترات طويلة دون حركة.
-
“تخويفه” بالعصا أو أدوات المنزل لتأديبه.
الأثر:
قد تظهر كدمات أو جروح، لكن الأثر الأخطر يكون نفسيًا — مثل الخوف الدائم من الكبار، أو العدوانية تجاه الأطفال الآخرين.
ثانيًا: العنف النفسي أو الوجداني (Emotional or Psychological Violence)
التعريف:
هو أي سلوك يُهين الطفل أو يقلل من قيمته أو يجعله يعيش في خوف أو قلق دائم.
أمثلة من الواقع:
-
الصراخ المتكرر على الطفل أو وصفه بكلمات مثل: “غبي”، “كسلان”، “بتزعج”.
-
مقارنته الدائمة بغيره: “شوف أصحابك كيف بيلعبوا، وأنت لا!”
-
السخرية من شكله أو كلامه أو طريقته في اللعب.
-
تجاهله عمدًا عندما يحاول التحدث أو التعبير عن نفسه.
الأثر:
ينشأ الطفل بشعور بعدم الأمان، وانخفاض في الثقة بالنفس، وقد يصبح خجولًا أو عدوانيًا بشكل مبالغ فيه.
ثالثًا: الإهمال (Neglect)
التعريف:
هو عدم تلبية احتياجات الطفل الأساسية مثل الأمان، الطعام، النظافة، الرعاية الصحية، أو الحب والاهتمام.
أنواعه وأمثلة يومية:
-
إهمال جسدي: ترك الطفل بملابس مبللة أو متسخة لفترات طويلة، أو عدم تقديم طعام صحي منتظم.
-
إهمال صحي: عدم أخذ الطفل للطبيب عند ظهور أعراض مرضية واضحة.
-
إهمال عاطفي: تجاهل مشاعر الطفل أو عدم احتضانه أو التفاعل معه.
-
إهمال تربوي: ترك الطفل أمام الشاشات لساعات طويلة دون رقابة أو حوار.
الأثر:
يُظهر الطفل ضعفًا في النمو، أو اضطرابات نوم وغذاء، أو سلوكًا انطوائيًا وعدوانيًا.
رابعًا: العنف اللفظي (Verbal Abuse)
التعريف:
هو استخدام الكلمات كسلاح لإهانة الطفل أو إذلاله أو التحكم به.
أمثلة من الواقع:
-
التهديد المستمر: “لو ما سكت رح أتركك لحالك.”
-
الشتائم أمام الآخرين أو وصفه بألفاظ جارحة.
-
نزع قيمته عبر كلمات مثل: “ما بتفهم”، “كل الأطفال أحسن منك”.
-
استخدام الصوت العالي بشكل عدواني ومخيف.
الأثر:
الكلمات الجارحة قد تُكسر من الداخل أكثر من أي ضربة. الطفل يسمعها مرارًا حتى يبدأ بتصديقها عن نفسه.
خامسًا: العنف الجنسي (Sexual Abuse)
التعريف:
هو أي لمس أو تصرف أو حديث يحمل طابعًا جنسيًا موجهًا لطفل، سواء كان من بالغ أو طفل آخر، بشكل يسبب له ارتباكًا أو خوفًا أو شعورًا بالذنب.
أمثلة من الواقع (للتمييز وليس التفصيل):
-
لمس الطفل في أماكن خاصة دون سبب طبي أو إذنه.
-
السماح له بمشاهدة مشاهد غير لائقة.
-
تعريضه لتعليقات أو مزاح غير مناسب لعمره.
الأثر:
الخوف، الانطواء، التبول اللاإرادي، كوابيس، أو تغيّر مفاجئ في السلوك.
سادسًا: الإساءة العاطفية (Emotional Neglect / Abuse)
التعريف:
هي حين يُحرم الطفل من الحب، التقبل، والاهتمام العاطفي، فيشعر بأنه غير محبوب أو غير مرغوب فيه.
أمثلة من الواقع:
-
تجاهل الطفل عندما يطلب المساعدة أو يريد اللعب.
-
عدم مدحه أو تشجيعه إطلاقًا.
-
التعامل معه ببرود دائم دون لمسة حنان أو تواصل بصري.
الأثر:
يبدأ الطفل بالبحث عن الاهتمام بطرق غير صحية — مثل البكاء المستمر أو السلوك العدواني — ليشعر بوجوده.
سابعًا: الإساءة الإلكترونية (Digital Abuse)
التعريف:
هي تعريض الطفل لمحتوى أو تفاعل مؤذٍ عبر الإنترنت أو الأجهزة الذكية.
أمثلة من الواقع:
-
السماح له بمشاهدة محتوى عنيف أو غير مناسب لسنه.
-
نشر صور الأطفال دون إذنهم على وسائل التواصل.
-
تركه يلعب ألعابًا مليئة بالعنف أو التهديد دون رقابة.
الأثر:
خوف، اضطراب في النوم، سلوكيات عدوانية أو لغوية غير مناسبة، وتأثر سلبي في مفهوم الذات.
🧡 كيف يمكننا الوقاية كحاضنات ومربيات؟
-
لاحظي لغة الجسد والمشاعر عند الطفل: الصمت المفاجئ، الخوف من مربية معينة، أو بكاء متكرر دون سبب ظاهر.
-
كوني مصدر أمان واحتواء، وليس تهديدًا.
-
استخدمي “الانضباط الإيجابي” بدل العقاب (مثل: الحديث الهادئ، تفسير الخطأ، وضع حدود واضحة بلطف).
-
شاركي الأهل بملاحظاتك حول الطفل بطريقة بنّاءة، لا اتهامية.
-
تعلمي متى وكيف يتم التبليغ عند الاشتباه بحالة إساءة.
العنف ليس فقط “يدًا تضرب” — بل نظرة تجرح، وكلمة تهدم، وصمت يُهمل.
دور الحاضنة والمربية لا يقتصر على العناية الجسدية، بل يمتد لحماية القلب الصغير من كل شكل من أشكال الأذى.
حين نشعر بوجع الطفل، نكون بدأنا أول خطوة في طريق الوقاية.



