قوة الشراكة:
كيف تؤثر العلاقة بين الإطار التربوي (الحضانة) في مرحلة الطفولة المبكرة وأولياء الأمور على نمو الطفل

قوة الشراكة: كيف تؤثر العلاقة بين الإطار التربوي (الحضانة) في مرحلة الطفولة المبكرة وأولياء الأمور على نمو الطفل
تُعدّ السنوات الأولى من عمر الطفل فترة حاسمة لتطوره الشامل، حيث تُبنى خلالها الأسس الأساسية للنمو العاطفي والاجتماعي والمعرفي. ومن بين العوامل المؤثرة في هذا النمو، تبرز العلاقة التعاونية بين أولياء الأمور والحاضنات في مرحلة الطفولة المبكرة، باعتبارها عاملاً محوريًا في توفير بيئة داعمة وآمنة تعزز من قدرات الطفل في مختلف المجالات.
أهمية العلاقة بين الحاضنة وولي الأمر
تشير الأدبيات التربوية إلى أن التعاون الإيجابي بين الأسرة ومؤسسة الرعاية يعزز من التماسك والاستقرار في حياة الطفل، ويضمن انتقالًا سلسًا بين بيئة المنزل وبيئة الحضانة أو المركز التعليمي. وتكمن أهمية هذه العلاقة في النقاط التالية:
-
توفير الاتساق في أساليب التربية والتوقعات السلوكية، مما يسهم في تقليل التوتر لدى الطفل.
-
تبادل المعلومات المتعلقة بالطفل مثل سلوكياته، اهتماماته، أو تحدياته، مما يعزز من فهم الجانبين لاحتياجاته الفردية.
-
خلق بيئة عاطفية آمنة يشعر الطفل من خلالها بالثقة والانتماء.
التأثير على النمو العاطفي
تشير دراسات النمو إلى أن الأطفال الذين يحيط بهم بالغون مترابطون ومتعاونون يتمتعون بدرجة أعلى من الأمان العاطفي، مما يُفضي إلى:
-
أنماط ارتباط آمنة (Secure Attachment).
-
تقدير أعلى للذات.
-
قدرة أفضل على ضبط الانفعالات والتعبير عنها.
أما في حال وجود توتر أو ضعف في التواصل بين الحاضنة وولي الأمر، فقد يؤدي ذلك إلى شعور الطفل بالارتباك أو التوتر، وربما ظهور سلوكيات سلبية كرد فعل لهذا الاضطراب في محيطه الاجتماعي.
التأثير على النمو المعرفي واللغوي
يسهم التواصل المستمر بين الحاضنة وولي الأمر في بناء خطة تعليمية منسجمة ومتكاملة، بحيث يتم تعزيز المهارات المكتسبة في كل من المنزل وبيئة التعلم. على سبيل المثال:
-
عند ملاحظة الحاضنة اهتمام الطفل بالقصص المصورة، يمكن توجيه الوالدين لتعزيز هذه المهارة من خلال أنشطة منزلية مماثلة.
-
مشاركة الأهل بأحداث مؤثرة في حياة الطفل (مثل ولادة أخ جديد أو فقدان أحد الأقارب) تساعد مقدمي الرعاية على تفهم سلوك الطفل ودعمه نفسيًا وتعليميًا بشكل أفضل.
هذا التناغم يُعزز من تطور مهارات اللغة، والقدرات التحليلية، والاتجاهات الإيجابية نحو التعلم.
أسس بناء علاقة فعّالة
لضمان علاقة مثمرة بين الطرفين، لا بد من اعتماد أساليب تواصل واضحة ومبنية على الاحترام المتبادل، ومن أبرز ركائز هذه العلاقة:
-
التواصل المنتظم: من خلال الاجتماعات الدورية أو الرسائل المكتوبة أو التطبيقات الإلكترونية.
-
الاحترام المتبادل: عبر الاعتراف بخبرة كل طرف ودوره المحوري في تنشئة الطفل.
-
وضع أهداف مشتركة: تتركز حول تطور الطفل وتقدمه، سواء اجتماعيًا أو نفسيًا.
أدوات وأساليب التواصل الفعّال بين الحاضنة والأسرة
يعتمد نجاح العلاقة بين الحاضنة والأسرة على وجود قنوات تواصل فعّالة ومستمرة تسمح بتبادل المعلومات والتعبير عن الملاحظات والتوقعات بطريقة إيجابية ومحترمة. ومن أبرز أدوات وأساليب هذا التواصل ما يلي:
1. دفاتر التواصل اليومية
تُعدّ وسيلة مكتوبة يتبادَل من خلالها الحاضنة وأولياء الأمور ملاحظات سريعة حول سلوك الطفل، حالته النفسية، تناوله للطعام، أوقات نومه، وأنشطته خلال اليوم. تُساعد هذه الدفاتر على توثيق التغيرات وتقديم رعاية متسقة بين المنزل والمركز.
2. التواصل الرقمي
أصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي والمراسلات مثل واتساب WhatsApp وسلاك Slack أو حتى منصات التعليم المبكر الرقمية أدوات فعالة لتبادل الصور، الفيديوهات، التنبيهات اليومية، والمستجدات. ويُشترط في استخدامها احترام خصوصية الأطفال وأسرهم، وضبط عدد الرسائل بما لا يُثقل على الطرفين.
3. الاجتماعات الدورية
يُفضل تنظيم لقاءات شهرية أو فصلية بين الحاضنة والأهل لمناقشة تطور الطفل، سلوكياته، واهتماماته، بالإضافة إلى الاتفاق على استراتيجيات مشتركة للدعم. هذه الاجتماعات تعزز من الثقة وتمنح الأهل شعورًا بالمشاركة الحقيقية في العملية التربوية.
4. المكالمات الهاتفية أو الرسائل الصوتية
في حال وقوع أحداث خاصة أو طارئة خلال اليوم، يمكن للحاضنة التواصل مباشرة مع الأهل من خلال مكالمة قصيرة أو رسالة صوتية، مما يُعزّز من استجابتهم السريعة ويُشعرهم بالاهتمام الفوري.
5. الأنشطة التشاركية مع الأسرة
دَعوة الأهل للمشاركة في فعاليات موسمية أو ورشات قصيرة داخل المركز يُسهم في بناء علاقة دافئة بين الطرفين، ويُشعر الطفل بالفخر والانتماء عند رؤية تعاون الكبار في حياته.
نصائح لضمان تواصل ناجح:
-
الاستماع النشط: إصغاء الحاضنة لملاحظات الأهل دون إصدار أحكام يساهم في تعزيز العلاقة المهنية.
-
الوضوح والشفافية: تجنب استخدام مصطلحات غامضة أو مبالغة في وصف سلوكيات الطفل، بل اعتماد أسلوب موضوعي وواضح.
-
احترام الفروق الثقافية والتربوية: إدراك الحاضنة أن لكل أسرة خلفية وأسلوب خاص في التربية، ومن واجب الحاضنة التفاعل معها بمرونة واحترام.
في النهاية، تعتبر الشراكة بين الحاضنة في مرحلة الطفولة المبكرة وأولياء الأمور تُعدّ أحد أهم العوامل الداعمة لنمو الطفل المتوازن. فعندما يشعر الطفل بأن البالغين في حياته يتعاونون ويتواصلون بفعالية، تزداد فرصه في تحقيق التقدم على المستويات كافة، ليصبح أكثر ثقة، واستقلالية، واستعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل.
المرجع:
Degotardi, S., & Sweller, N. (2015). Using relationships as a tool: Early childhood educators’ perspectives of the child–caregiver relationship in a childcare setting. Early Child Development and Care, 185(3), 482–495. https://doi.org/10.1080/03004430.2014.951928