top of page
  • Black Facebook Icon
  • Black Instagram Icon

العنف والإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة: مقالة موجهة للحاضنات

Child-Holding-a-Teddy-Bear-Sad-Trauma-Fearful-1200x800.jpg

العنف والإهمال في مرحلة الطفولة المبكرة: مقالة موجهة للحاضنات

تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة، التي تمتد تقريبًا من الولادة إلى سنّ الثلاث سنوات من أهمّ المحطات في بناء شخصية الطفل، ونموّه البدني والعاطفي والمعرفي. وعندما يتعرّض الطفل في هذه المرحلة لأي شكل من أشكال العنف أو الإهمال، فإنّ ذلك لا يترك أثرًا فوريًا فقط، بل قد يؤثر عليه طوال حياته، لذلك تعتبر الحاضنات صاحبات دورٌ محوريّ في الوقاية والتدخّل.

في ما يلي مقالة موجهة للحاضنات على وجه الخصوص، تُوضّح طبيعة العنف والإهمال، تأثيره، وأدوار الحاضنة في الوقاية والاستجابة:

أولًا: ما المقصود بالعنف والإهمال في الطفولة المبكرة؟

  • تشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن مصطلح «إساءة معاملة الأطفال» يشمل “العنف البدني و/أو النفسي و/أو الجنسيّ، والإهمال، أو الاستغلال الذي يلحِق ضررًا أو يحتمل أن يلحق ضررًا بصحة الطفل أو نمائه أو كرامته، في سياق علاقة مسؤولية أو ثقة أو قوة”.

  • وتضيف أنّ العنف ضد الأطفال يشمل جميع أشكال العنف ضد الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، سواء كان من الأبوين أو الحاضنات أو الأقران أو غيرهم من العاملين بشكل مباشر او غير مباشر مع الاطفال الإهمال يمكن أن يكون عدم تلبية احتياجات الطفل الأساسية (الجسدية، العاطفية، التعليمية) أو عدم توفير بيئة آمنة ومحفّزة.

  • من جهة أخرى، يشير تحليل لمؤسسة مؤسسة فان لير إلى أنّ “التوتر في مرحلة الطفولة المبكرة، بما في ذلك التعرض للعنف، يضرّ بصحة الأطفال وتعليمهم، مع عواقب نفسية وفسيولوجية طويلة الأمد”.

 

ثانيًا: لماذا تُعدّ الطفولة المبكرة مرحلة ذات حساسية خاصة؟

  • في مرحلة الطفولة المبكرة، يكون الدماغ والجسد في طور نموٍ سريع، وبالتالي فإنّ العوامل البيئية مثل الأمان العاطفي، التغذية، التفاعل الإيجابي، الحكمة التربوية، كلها تؤثر بشكل كبير على التطوّر.

  • بحسب تقرير اليونيسف – دولة فلسطين، فقد تمّ في إطار الاستراتيجيّة الوطنية للتنمية والتدخل في مرحلة الطفولة المبكرة (2017 – 2022) التركيز على “بيئة آمنة وداعمة لاحتياجات الطفل النمائية … وضمان استجابة مقدّمي الرعاية لهذه الأهداف”. (unicef.org)

  • كذلك، حين تتعرّض الطفولة المبكرة إلى تجارب عنف أو إهمال، فإن ذلك قد “يُعوق نموّ النظام العصبي والجهاز المناعي”، مما يفتح الباب لتأثيرات سلوكية وصحية على مدى الحياة. 
     

ثالثًا: ما حجم المشكلة؟

  • تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن عددًا يصل إلى مليار طفل (من أعمار 2-17 سنة) تعرّضوا لعنف بدني أو جنسي أو وجداني أو لإهمال خلال العام السابق. 

  • وتشير التقديرات أيضًا إلى أن نحو «6 من كل 10 أطفال دون سن الخامسة — أو ما يعادل 400 مليون طفل — يتعرضون بانتظام للعقوبة البدنية و/أو العنف النفسي من الوالدين أو مقدّمي الرعاية». 

  • في السياق الفلسطيني، مثلاً، تضع وزارة التنمية الاجتماعية آلية لحماية الأطفال من العنف والإساءة والاهمال وسوء المعاملة. (mosd.gov.ps)

 

رابعًا: تأثير العنف والإهمال على الطفل في مرحلة الولادة ولغاية ثلاث سنوات

  1. التأثيرات الفورية

    • إصابات جسدية، أذى نفسي، انهيار الشعور بالثقة، صعوبة في العلاقة مع الحاضنة أو الأقران.

    • قد يعاني الطفل من اضطرابات النوم، فقدان الشهية، الوحدة أو العدوانية المفرطة.

  2. التأثيرات على المدى البعيد

    • البحوث تشير إلى أن الأطفال المعرضين لسوء المعاملة أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحايا أو مرتكبي عنف في البلوغ. (Van Leer Foundation)

    • قد يُضعِف النمو العقلي ونمو الجهاز العصبي، ويقدّم تأثيرات سلبية على التحصيل الدراسي، الإدراك، السلوك، الصحة النفسية والجسدية. (who.int)

    • دراسة خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم وجدت ارتباطًا طرديًا بين الإساءة الوالدية والسلوك العدواني. (Journals of Childhood)

  3. أثر على البيئة المحيطة

    • العنف والإهمال لا يؤذي الطفل فقط، بل يؤثّر على أسرته والمجتمع، من حيث تكاليف الرعاية الصحية، التعليم، التأهيل، وحتى العنف بين الأجيال. (Van Leer Foundation)
       

خامسًا: دور الحاضنات في الوقاية والاستجابة

كونكم تعملون في حضانات أو مراكز الرعاية المبكرة، فإليكم بعض النقاط العملية الهامة:

  1. خلق بيئة آمنة وداعمة

    • تأكدوا من أنّ بيئة الحضانة هادئة، يسودها الشعور بالأمان، وتُقدّم للطفل الاستجابة لاحتياجاته، سواء العاطفية أو الجسدية أو المعرفية.

    • شجّعوا الربط الإيجابي بين الحاضنة والطفل، فالعلاقة الجيدة تقلّل من خطر تعرض الطفل للعنف أو الإهمال.

  2. التدريب والتأهيل

    • قدّمو ورشًا أو تدريبات للحاضنات والعاملات في الحضانة جميعا (طباخين - مدراء - عاملات تنظيف... الخ) حول مفاهيم واشكال العنف، الإهمال، الانضباط الإيجابي، والطرائق البديلة للعقاب الجسدي أو النفسي.

    • مثلا، تشير البحوث إلى أن برامج “تربية الأطفال الإيجابية” (Positive Parenting) تُعدّ من الأسس الضرورية لدعم الحاضنات وتوفير بدائل للعقاب الجسدي. (Van Leer Foundation)

  3. الملاحظة المبكرة والتدخل المناسب

    • لاحظي أي تغيّر في سلوك الطفل: عدوانية مُرتفعة، انسحاب، خوف مفرط، تأخر في المهارات، أو تغيّرات في النمو.

    • فعّلي بروتوكولات الإبلاغ أو التعاون مع الجهات المختصة إذا لاحظتِ علامات تعرض الطفل للعنف أو الإهمال. 

  4. التعاون مع الأسرة

    • نظّموا لقاءات منتظمة مع أولياء الأمور لشرح أهمية التربية الخالية من العنف، وتبادل النصائح حول كيفية التعامل مع الأطفال في المنزل بطريقة إيجابية.

    • قدّموا موارد أو أنشطة توعوية للأهل حول مراحل نمو الطفل، والتطور العاطفي، وكيفيةتعليم الطفل الانضباط بدون استخدام الضرب أو السخرية.

  5. الاستمرارية والتقييم

    • كمدراء للحاضنات راقبوا موظفي الحضانة وممارساتهم باستمرار، تأكدي من أنّ السياسات لا تتضمن استخدام العقاب الجسدي او النفسي او اللفظي أو الإهمال.

    • قيمي بيئة الحضانة بانتظام، ابحثي عن وضوح مؤشرات  الأمان العاطفي والنفسي للطفل، وجودة التفاعل، ورضا الأهل.

سادسًا: خلاصة ودعوة للعمل

إنّ الطفولة المبكرة هي مرحلة تأسيس وتمكين، ومعرّضة في الوقت نفسه للخطر حين تُمارس ضدّها أشكال العنف أو تُترك أمام الإهمال. الحاضنات – كمراكز للرعاية المبكرة – يقعن في موقع استراتيجي، بوسعهنّ أن يكنّ عامل وقاية قويّ.
 

دعوتنا في ماطي لكن:

  • أن تؤمِّن البيئة التي يتوق إليها الطفل: بيئة حاضنة، دافئة، وآمنة.

  • أن تكونوا شركاء مع الأسرة، لا مجرد مقدّمين لخدمة رعاية، بل رسلاً للتربية الإيجابية.

  • أن تحافظوا على يقظة وتميّز في ملاحظتكم لأيّ علامة قد تشير إلى تعرض الطفل للعنف أو الإهمال، وتتعاونوا مع الجهات المختصّة في الوقت المناسب.

  • أن تستثمروا في التعلّم المستمر والتدريب، ليكون كل مربٍّ على دراية بممارسات الرعاية الحسّاسة للعاطفة، النمو، والاتصال الإيجابي.
     

إذا نجحت الحاضنة في أداء هذا الدور، فإنها لا تساهم فقط في حماية الطفل من الأذى، بل تمكّنه من أن ينمو بشخصية صحّية، وعلاقات سليمة، وإمكانات معرفية وعاطفية أفضل.

المراجع

  • منظمة الصحة العالمية، «إساءة معاملة الأطفال». (who.int)

  • منظمة الصحة العالمية، «العنف ضد الأطفال». (who.int)

  • اليونيسف – دولة فلسطين، «تنمية الطفولة المبكرة: ما الذي نحتاج لمعرفته؟». (unicef.org)

  • مؤسسة فان لير، «يجب أن يبدأ منع العنف في مرحلة الطفولة المبكرة». (Van Leer Foundation)

  • وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، «إجراءات خدمة حماية الأطفال من العنف والإساءة والإهمال». (mosd.gov.ps)

  • سلمي صالح، «الإساءة الوالدية وعلاقتها بسلوك العدوان لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم». (Journals of Childhood)

a mothe kissing her baby

الاشتراك في مجموعة الفيسبوك
فقط للحاضنات والعاملين في اطر الطفولة المبكرة

© 2023 by Sherine Jaber. MATI © Copyright™ 

bottom of page